-A +A
نوف محمد
مع نهاية كل عام دراسي تخرّج جامعاتنا العديد من الطلاب والطالبات، ويكون الحظ حليفا لبعضهم، فيما البعض الآخر يعاكسه الحظ في الحصول على وظيفة تعليمية حكومية على ملاك وزارة التربية والتعليم، تخرجوا جميعهم من نفس الجامعات التي تخرج منها من حصلوا على وظائف حكومية، ودرسوا نفس المناهج، وتلقوا تعليمهم على أيدي نفس أعضاء هيئة التدريس.
وهؤلاء الخريجون والخريجات منهم من حظي بفرصة الالتحاق بالتدريس في المدارس الأهلية، ومنهم بالتأكيد من التحق بها قبل دعم صندوق الموارد البشرية، عندما كان البعض منهم يتقاضى مرتبا شهريا لا يتجاوز الألف ريال في بعض المدارس، وبدون تأمين طبي ولا تأمينات اجتماعية.

وإن كان الوضع الآن أفضل كثيرا من ذي قبل، إلا أن معاناتهم ما زالت مستمرة، فالراتب وبالرغم من دعم صندوق الموارد البشرية إلا أنه يظل يراوح مكانه ولا ينمو ولا يزداد سنين طويلة، والتطور الوظيفي محدود أو معدوم، كل هذا بالإضافة إلى أن المدارس الأهلية تتعامل مع المعلمين والمعلمات بنظام الشركات في الدوام والإجازات، وتعويضات الرواتب في فترات الإجازات الاعتيادية والاضطرارية والاستثنائية، ولا يحظون بالرفاه والفسحة الواسعة التي يحظى بها معلمو ومعلمات المدارس الحكومية.
ومع قرب انتهاء العام الدراسي، وبدء الفصل الصيفي، والذي تطلب الوزارة من الراغبين بالتدريس فيه، وتمنحهم مكافأة (100) ريال للساعة الواحدة، ما يعني أن المعلم والمعلمة سيتقاضى ما يقارب (16000) ريال خلال شهرين من التدريس، وهذا الأمر جيد وممتاز لولا أن الوزارة خصت به معلمي ومعلمات المدارس الحكومية وحرمت معلمي ومعلمات المدارس الأهلية منه، دونما سبب منطقي يمكن للوزارة أن تبرر من خلاله تصرفها هذا.
وزارة التربية والتعليم تتعامل مع معلمي ومعلمات المدارس الحكومية على أنهم أبناؤها الشرعيون، أما معلمو ومعلمات المدارس الأهلية فكأنما هم أبناء غير معترف بهم، لماذا؟!
مع العلم أن مستوى التدريس في المدارس الأهلية متطور جدا ومنضبط، ومعلمو ومعلمات المدارس الأهلية يعملون أكثر بكثير من معلمي ومعلمات المدارس الحكومية، ويتقاضون مردودا ماديا أقل بكثير منهم ومحرومون من كثير من الامتيازات التي ينعمون بها!
في كل مناسبة يشنف المسؤولون آذاننا بأسطوانة التكامل بين القطاع الخاص والعام، وأن القطاع الخاص شريك في التنمية، ولكن عندما يأتي التطبيق على أرض الواقع، نجده مختلفا ومغايرا لكل التصريحات، وما معلمو ومعلمات المدارس الأهلية إلا نموذج صارخ لهذا التناقض، ولا بد من إعادة النظر في الامتيازات الممنوحة لهم ومساواتهم بنظرائهم في المدارس الحكومية، إذا ما أردنا دعم العملية التعليمية والقضاء على التذمر الذي نسمعه من معلمي ومعلمات المدارس الأهلية والضغط الكبير الذي تشهده النسخ المتعددة من برنامج جدارة، والتي تعج بأسماء معلمي ومعلمات المدارس الأهلية الذين يبحثون عن بارقة أمل تدخل سلك العمل الحكومي ليتمتعوا بامتيازاته، التي لو منحت لهم لما تسربوا من القطاع الخاص بحثا عن الحكومي، وكانت الوزارة ستتمكن من حل معضلة كبيرة استمرت تعاني منها لسنوات طويلة.